ابدى عدد من اهالي قرية مصرية شعورهم بالفخر بعدما اقدم المئات من سكانها على الاعتداء على اربعة من الشيعة وضربهم حتى الموت وسحلهم بسبب انتمائهم المذهبي، في اول اعتداء عنيف وكبير ضد الشيعة في مصر بعد انتشار التحريض ضد هذه الاقلية مؤخرا.
وقال شهود عيان ومصادر امنية ان مئات من اهالي قرية زاوية ابو مسلم في مركز ابو النمرس في محافظة الجيزة (نحو 30 كيلومتر جنوب العاصمة القاهرة) حاصروا واعتدوا على منزل احد شيعة القرية بعدما علموا بتواجد القيادي الشيعي المصري حسن شحاتة فيه برفقة اخرين. وحاول الاهالي حرق المنزل المتواجد في حارة ضيقة بزجاجات المولوتوف لكنهم فشلوا في ذلك.
واسفر الاعتداء عن مقتل شحاتة وشقيقه واثنين آخرين وجميعهم من خارج القرية، بالاضافة الى اصابة خمسة اشخاص آخرين.
ويعد الشيخ حسن شحاتة (66 عاما) احد ابرز القيادات الشيعية في البلاد، وسبق وان سجن مرتين خلال عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتهمة ازدراء الاديان، بحسب ما اكد عدد من اتباع هذا المذهب.
وقال الشيعي ضياء محرم باكيا ان "شحاتة كان يحضر احتفالا دينيا مع شيعة القرية بمناسبة ليلة النصف من شعبان".
وقال النجار ياسر يحيى "عندما علم الاهالي ان حسن شحاتة في القرية طلبوا من صاحب المنزل تسليمه لهم، لكنه رفض ما جعلهم يهاجمون المنزل".
واضاف ان "الاهالي احضروا مطارق ضخمة وهدموا جزءا من حائط المنزل واخرجوا الشيعة واحدا تلو الاخر ثم قتلوهم ضربا في تلك الساحة"، مشيرا الى ساحة كبيرة امام ورشته شهدت واقعة السحل والقتل.
وقال مصمم الاثاث سامح المصري "حاولت انقاذهم لكن الاهالي كانوا مصممين على قتلهم"، وتابع "سحلوهم حتى مدخل القرية.. لقد كانت لحظات بشعة".
وقال شهود عيان ان مئات الاهالي كانوا يرددون "الله اكبر.. الله اكبر" و "الشيعة كفار" اثناء الاعتداء على الشيعة وسحلهم في الشارع.
وسحل الاهالي الجثث الى خارج القرية حتى سيارات الامن المركزي التي نقلت الجثث الاربع الى المشافي، بحسب شهود عيان.
وتوجد نحو 20 اسرة شيعية في قرية ابو مسلم. ويتهم الاهالي القيادي الشيعي شحاتة بنشر المذهب الشيعي بين اهلها.
وقال احد اهالي القرية طالبا عدم ذكر اسمه ان "الغضب كبير ضد شحاتة لانه تسبب في اعتناق عدد من شباب القرية للمذهب الشيعي مؤخرا".
واستخدم اهالي القرية، ومعظمهم لا تبدو عليهم مظاهر التدين، كلمة "كفار" لوصف الشيعة اثناء حديثهم عنهم.
ولم يظهر الاهالي اي ندم او خجل من الواقعة، لا بل ان شباب القرية راحوا يتبادلون في ما بينهم مقاطع فيديو لسحل الشيعة الاربعة بفخر وحماس واضح.
وقال المدرس محمد اسماعيل وهو يجلس امام منزله "نحن سعداء بما حدث. وكنا نتمنى ان يحدث منذ زمن".
وعادة ما يجد العنف الطائفي والمذهبي بمصر ارضا خصبة في المناطق القروية خارج المدن مثل قرية ابو مسلم الفقيرة والعشوائية.
ويتهم الشيعة الدولة في مصر بعدم توفير الحماية لهم خاصة من مضايقات وتحريض السلفيين مذهبيا ضدهم. كما يشكون تعرضهم لتحريض مذهبي علني في القنوات الدينية.
وخلال مؤتمر حاشد للاسلاميين عقد قبل اسبوع لـ"نصرة سوريا" بحضور الرئيس محمد مرسي، تحدث احد قيادات الحركة السلفية، الشيخ محمد عبد المقصود، واصفا بـ"الانجاس من يسبون صحابة النبي" محمد، في اشارة واضحة الى الشيعة.
وقال بهاء أنور، المتحدث باسم شيعة مصر "احمل الرئيس مرسي المسؤولية كاملة لما حدث لان هناك تحريضا طائفيا مستمرا ضد الشيعة في زاوية ابو مسلم منذ اسبوعين ولم يتدخل احد رغم ابلاغنا السلطات".
وقال أنور "الدولة تتخاذل مع دعوات التحريض ضدنا بل وتتبناها. ما حدث نتيجة لتحريض منظم ضد الشيعة في مصر وتشترك فيه الدولة"، واضاف ان "الشرطة لم تحم الشيعة المحاصرين رغم تواجدها في القرية".
وقال بائع الطيور عبد الله حجازي ان "الشرطة كانت موجودة خلال الاعتداء لكنها لم تتدخل لمنعه".
لكن اللواء عبد العظيم نصر الدين، نائب مدير أمن الجيزة قال "حاولنا التدخل لكن التجمهر الكبير للاهالي والشوارع الضيقة منعتنا من التقدم لتفريق الحشود".
وتابع وهو جالس بين قواته خارج القرية "الاهالي هاجمونا بالشوم والسنج (السكاكين) ما اضطرنا للانسحاب".
واكد اللواء نصر الدين ان "الشرطة نجحت في اخراج 25 شيعيا من المنزل المحاصر وهو ما قلل من عدد الضحايا".
وحتى الساعة لم يصدر اي تعليق رسمي من الحكومة على الحادث.
من جهته قال الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور الليبرالي المعارض في تغريدة على صفحته على موقع تويتر ان "قتل وسحل مصريين بسبب عقيدتهم نتيجة بشعة لخطاب ديني مقزز ترك ليستفحل".
وتنتمي الاغلبية الساحقة من المسلمين في مصر للمذهب السني، علما بان العاصمة القاهرة اسستها الدولة الفاطمية الشيعية التي حكمت مصر لسنين قبل نحو الف عام.
ولا يوجد احصاء دقيق معلن لعدد الشيعة في مصر. وبحسب تقرير الحريات الدينية الذي اصدرته الخارجية الاميركية في العام 2006 فان الشيعة يشكلون أقل من 1% من عدد سكان مصر البالغ في حينه 74 مليون نسمة اي نحو 740 الف شخص.
وظهرت بوادر تشدد مذهبي في مصر مع الصعود السياسي للحركات السلفية التي حصلت على اكثر من 20 في المئة من مقاعد البرلمان المصري في اول انتخابات تشريعية بعد اسقاط حسني مبارك عام 2011.
وانتشر اخيرا توزيع سلفيين لمنشورات وكتيبات تحذر من الخطر الشيعي ومحاولة الشيعة نشر مذهبهم في مصر.